معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي
يلقي كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع السنوي السابع عشر عالي المستوى حول الإستقرار المالي والأولويات التشريعية والرقابية
النظام المصرفي العربي أكثر استعداداً لاستيعاب الصدمات المالية والاقتصادية والمخاطر المرتفعة
17.8 في المائة هو معدل كفاية رأسمال المصارف العربية، و91.1 في المائة هي نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة في الدول العربية
الإشادة بجهود الأطر الدولية المعنية بتعزيز استقرار القطاع المالي والمصرفي
أهمية إدارة التحديات والمخاطر من خلال بيئة رقابية فعّالة
بيئة عمل القطاع المالي تواجه عدداً من التحديات، تشمل تداعيات جائحة كورونا والضغوط التضخمية، وارتفاع أسعار الفائدة، ومخاطر تغيرات المناخ، ومخاطر التهديدات الإلكترونية
الدعوة لمراجعة وتعزيز المنظومة التشريعية وترتيب الأولويات في المرحلة القادمة
ألقى معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي، المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، كلمة في افتتاح أعمال الاجتماع السنوي السابع عشر عالي المستوى حول الإستقرار المالي والأولويات التشريعية والرقابية، الذي أُفتتح يوم أمس الأربعاء 7 ديسمبر ويمتد ليومين في مدينة أبوظبي. يشارك في الاجتماع عدد من أصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إلى جانب السيد “فرناندو ريستوي”، رئيس معهد الاستقرار المالي، والسيد “نيل إشو”، السكرتير العام للجنة بازل للرقابة المصرفية.
بيّن معاليه في كلمته، أن تبعات أزمة جائحة كورونا المُستجد لا تزال تُلقي بظلالها على المشهد العالمي، منوهاً بالتحديات المرافقة المتمثلة في التطورات العالمية الراهنة، التي تشمل الضغوط التضخمية والسياسة النقدية المتشددة، وارتفاع الدين العام، ومخاطر تغيرات المناخ، ومخاطر التهديدات الإلكترونية، التي أضافت تحديات جديدة أمام صانعي السياسات الاقتصادية في إطار سعيهم نحو دعم مرحلة التعافي الاقتصادي. في ذات السياق، أشار معاليه أن المصارف المركزية أدركت مبكراً أن التأخر في رفع حزم الدعم قد يؤدي إلى حدوث تراكم في المخاطر النظامية، مما دفعها لتبني نهج تضمن إجراء رفع تدريجي لحزم الدعم أخذاً في الإعتبار إمكانية ارتفاع معدلات التعثر لقطاعي الأفراد والشركات، خصوصاً في ضوء إتباع سياسة نقدية متشددة لاحتواء الضغوط التضخمية، مؤكداً أن المرحلة القادمة تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية على صعيد مواجهة المخاطر التي تهدد القطاع المالي، وتحديد الأولويات، والتنسيق بين السياسات الإقتصادية، إلى جانب أهمية استمرار مراجعة وتعزيز المنظومة التشريعية، للتخفيف من المخاطر التي قد يتعرض لها النظام المصرفي، خصوصاً أن المرحلة الحالية تشهد مخاطر متعددة في ظل بيئة اقتصادية يشوبها عدم اليقين.
في سياق متصل، أشار معاليه أن النظام المصرفي اليوم أصبح أكثر استعداداً لاستيعاب الصدمات المالية والاقتصادية والمخاطر المرتفعة بسبب العديد من الإصلاحات التي تم تبنيها بعد الأزمة المالية العالمية لعام 2008 وفي مقدمتها تطبيق متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل III، مشيراً في هذا الصدد أن تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9) الذي أخذ الجانب التنبؤي بالإعتبار، أدى إلى تخفيف مخاطر الإئتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر.
تطرق معاليه إلى تقرير الاستقرار المالي الصادر عن صندوق النقد العربي لعام 2022، الذي أظهر استمرار المصارف المركزية العربية في مراجعة وتطوير المنظومة التشريعية بغية تعزيز الاستقرار المالي، إضافةً إلى مواصلة تعزيز نظم البنية التحتية للقطاع المالي في الدول العربية. كما بيّن أن القطاع المصرفي العربي وبالرغم من التحديات والمخاطر، كان مستقراً وقادراً بشكل عام على تحمل الصدمات، ذلك في ضوء ما حققه القطاع من مستويات جيدة من رأس المال وجودة الأصول والربحية، وهو ما يعكس جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، مشيراً في هذا الصدد إلى ارتفاع نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة، إلى 91.1 في المائة في نهاية عام 2021، واستقرار نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع المصرفي عند 8.5 في المائة. فيما بلغ معدل كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي في المتوسط نحو 17.8 في المائة في نهاية عام 2021، مقارنةً بمتطلبات معيار بازل Ⅲ البالغة 10.5 في المائة، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية تعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة.
في سياق آخر، أشار معاليه إلى حرص صندوق النقد العربي على دعم جهود دوله الأعضاء في مجال الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية الهادفة إلى تعزيز الاستقرار المالي في المنطقة العربية، مشيراً إلى عقد سلسلة من الاجتماعات التشاورية للمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية والسلطات الإشرافية الأخرى بمشاركة واسعة من المؤسسات والأطر المالية الدولية ذات العلاقة. كما نوّه بإصدار الصندوق لمجموعة من المبادئ الإرشادية للمصارف المركزية تواكب المخاطر التي تفرضها المرحلة.
كذلك أشاد معاليه بالجهود الكبيرة التي تقوم بها الأطر الدولية المعنية وفي مقدمتها لجنة بازل للرقابة المصرفية ومجلس الاستقرار المالي في متابعة تطوير القواعد والتشريعات الرقابية بصورة أكثر احترازية وشمولية للمخاطر، لمعالجة مختلف جوانب الضعف التي أظهرتها الأزمات السابقة وأزمة جائحة كورونا، مشيراً لدور هذه الجهود في تعزيز متطلبات رأس المال والسيولة كماً ونوعاً، مما ساهم في تعزيز قدرة النظام المصرفي على استيعاب صدمة جائحة كورونا.
في الختام، ثمّن معالي الدكتور الحميدي جهود دولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر الصندوق على الرعاية والدعم الكبير الذي تقدمه باعتبارها دولة مقر صندوق النقد العربي، الذي يساهم بدون شك في قيام الصندوق بالمهام المنوطة به. كما قدم معالي المدير العام الشكر لمعهد الاستقرار المالي وللجنة بازل، ولأصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية وبقية المشاركين على حضورهم ومشاركتهم.
كلمــة معالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي
المدير العـام رئيس مجلس الإدارة صندوق النقد العربي أبو ظبي – دولة الإمارات العربية المتحدة، أثناء الاجتماع السنوي السابع عشر عالي المستوى حول”الإستقرار المالي والأولويات التشريعية والرقابية” 7-8 ديسمبر 2220
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أسعد الله صباحكم بكل خير،
يسرني أن أرحب بكم، مع بداية اللقاء السنوي السابع عشر عالي المستوى حول “الاستقرار المالي والأولويات التشريعية والرقابية”، الذي ينظمه صندوق النقد العربي بالمشاركة مع معهد الاستقرار المالي ولجنة بازل للرقابة المصرفية.
اسمحوا لي بدايةً أن أعرب عن خالص شكري وتقديري لمعالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وزملائه في المصرف على الدعم والمشاركة في هذا اللقاء الهام. كما يسرني أرحب بالسيد “فرناندو ريستوي”، رئيس معهد الاستقرار المالي، والسيد “نيل إشو”، السكرتير العام للجنة بازل للرقابة المصرفية، شاكراً لهما ولزملائهما مساهمتهم في عقد هذا اللقاء، وتطوير محتوياته ليعكس القضايا والتطورات ذات الأولوية لمنطقتنا العربية.
كما أود في هذه الافتتاحية أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لأصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية ونوابهم على تكرمهم بقبول دعوة الصندوق للتحدث في هذا اللقاء، وإحاطة المشاركين بأولويات السلطات الإشرافية في الدول العربية لتعزيز الاستقرار المالي والتحديات التي تواجهها القطاعات المالية والمصرفية العربية في هذا الشأن، الأمر الذي يعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها أصحاب المعالي والسعادة لقضايا تعزيز الاستقرار المالي في المنطقة العربية.
كما لا يفوتني أن أشكر جميع المؤسسات المالية الدولية والخبراء والمتحدثين على تفضلهم بالمشاركة معنا اليوم، مُرحباً بضيوفنا الكرام من القطاعين العام والخاص، سواءً كانت المشاركة حضورياً أو عن بعد.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
في السياق نفسه، أدت الجائحة إلى انعكاسات سلبية على قطاعي الشركات والأفراد، كما أدت الارتفاعات الأخيرة في أسعار الفائدة في زيادة تحديات خدمة الديون خاصة في الدول ذات مستويات المديونية المرتفعة، وهذا بدوره يمثل مخاطر للقطاع المالي، مما يتطلب إجراءات من قبل المصارف المركزية والسلطات الرقابية، تحافظ على سلامة ومتانة القطاع المالي واستمراريته وفق قواعد العمل المصرفي والمالي السليم، وتحافظ على استدامة الشركات، خاصة منها المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، إضافةً لحماية الأفراد من مخاطر تعثرهم في سداد مديوناتهم تجاه المؤسسات المالية، حفاظاً على تصنيفهم الائتماني.
من ناحية أخرى، أدركت المصارف المركزية والسلطات الرقابية خلال أول عامين من الجائحة، أن التأخر في رفع حزم الدعم قد يؤدي إلى حدوث تراكم في المخاطر النظامية، حيث إن استمرار توفير تمويل وسيولة منخفضة الكلفة وتأجيل سداد المديونية والاستمرار ببرامج سخية لضمان القروض من شأنه أن يشجع عملاء البنوك على الاقتراض، بالتالي إثقال كاهلهم بمديونيات مرتفعة. بالوقت نفسه، إن التسرع في رفع حزم الدعم، من شأنه أن يؤدي إلى تعثر عملاء البنوك، بالتالي تراجع جودة محفظة الإئتمان لدى القطاع المصرفي، في ضوء ذلك اتبعت العديد من المصارف المركزية نهجاً تضمن التدرج في رفع حزم الدعم أخذاً في الاعتبار إمكانية ارتفاع معدلات التعثر لقطاعي الأفراد والشركات، خصوصاً في ضوء إتباع سياسة نقدية متشددة لاحتواء الضغوط التضخمية.
في هذا الصدد، تتطلب المرحلة القادمة تضافر الجهود لمواجهة المخاطر التي تهدد القطاع المالي، وتحديد الأولويات، والتنسيق بين السياسات الاقتصادية، كما تبرز أهمية استمرار مراجعة وتعزيز المنظومة التشريعية، للتخفيف من المخاطر التي قد يتعرض لها النظام المالي، خصوصاً أن المرحلة الحالية تشهد مخاطر معقدة في ظل بيئة اقتصادية يشوبها عدم اليقين.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يعد النظام المصرفي اليوم أكثر استعداداً لإستيعاب الصدمات المالية والإقتصادية ومواجهة المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها، وذلك بسبب تطبيق متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل III، حيث عكس تطبيق هذه المتطلبات، اهتمام السلطات الرقابية بتعزيز سلامة المراكز المالية للبنوك. وساهم في تعزيز نوعية وكمية رؤوس الأموال لدى البنوك، من خلال احتفاظ البنوك برؤوس أموال بجودة ونوعية عالية تمتاز بقدرة مرتفعة على مواجهة المخاطر واستيعاب الخسائر. في نفس السياق، أدى تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم (9) الذي أخذ الجانب التنبؤي بالإعتبار، إلى تخفيف مخاطر الإئتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر.
بيّن تقرير الاستقرار المالي الصادر عن صندوق النقد العربي لعام 2022، استمرار المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في مراجعة وتطوير المنظومة التشريعية بغية تعزيز الاستقرار المالي، إضافةً إلى مواصلة تعزيز نظم البنية التحتية للقطاع المالي والمصرفي في الدول العربية، بما ينسجم مع أفضل الممارسات الدولية، وبما يحقق التطور وزيادة الموثوقية في الخدمات المقدمة من المؤسسات المالية والمصرفية.
في هذا السياق، أبرزت المؤشرات المالية المتعلقة بالقطاع المصرفي العربي، الذي يبلغ حجم موجوداته حوالي 4 تريليون دولار أي ما يُعادل 136 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية، أن القطاع المصرفي العربي وبالرغم من التحديات والمخاطر، كان مستقراً وقادراً بشكل عام على تحمل الصدمات، ذلك في ضوء ما حققه القطاع من مستويات جيدة لرأس المال وجودة الأصول والربحية، وهو ما يعكس جهود المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية.
على صعيد الملاءة المالية للقطاع المصرفي في الدول العربية، فقد تميّز القطاع المصرفي العربي بملاءة مالية مرتفعة، إذ وصل معدل كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي إلى ما نسبته 17.8 في المائة في نهاية عام 2021، وهي نسبة أعلى من تلك المستهدفة دولياً حسب معيار بازل Ⅲ البالغة 10.5 في المائة.
في المقابل، ارتفعت نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة، لتصل إلى 91.1 في المائة في نهاية عام 2021. أما نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع المصرفي فقد استقرت في حدود 8.5 في المائة، آخذين في الإعتبار بدء عدد من الدول العربية تطبيق المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية (IFRS9)، مما يشير إلى جودة موجودات هذا القطاع.
أما عن أداء هذا القطاع، فبعد تراجع معدل العائد على الموجودات ومعدل العائد على حقوق المساهمين خلال أزمة فيروس كورونا المستجد، فقد عاودا الارتفاع في نهاية عام 2021 ليبلغا 1.24 في المائة و11.76 في المائة على التوالي، مما يعكس الأداء الجيد للبنوك وكفاءتها في توظيف موجوداتها، وفاعليتها في استخدام رأسمالها وقدرتها على مواجهة الخسائر التي من الممكن أن تتعرض لها مستقبلاً.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
يُعد هذا الاجتماع فرصة لمناقشة العديد من القضايا ذات الصلة بالاستقرار المالي وجوانب الرقابة المصرفية، ودور سياسات البنوك المركزية في تعزيز مرونة القطاع المصرفي. يبرز في المرحلة الحالية، قيام المصارف المركزية بتقييم واقع القطاع المالي قبل وبعد أزمة فيروس كورونا المستجد، للوقوف على الدروس المستفادة من تلك الأزمة. كما من الأهمية بمكان مراجعة منظومة إدارة الأزمات لدى المصارف المركزية، وتطوير خطط الإنعاش لدى القطاع المصرفي، وإعادة بناء هوامش رأس المال التي تم تخفيفها أو تحريرها خلال الجائحة، إضافةً إلى التطبيق الكامل لمتطلبات بازل III. أما على صعيد المخاطر المستجدة، فلا بد من مواصلة تقييم تلك المخاطر وانعكاساتها على القطاع المصرفي، واتخاذ السبل التي من شأنها الحد منها، ويشمل ذلك تغيرات المناخ، والتهديدات الإلكترونية، وارتفاع مديونية الحكومات، وغيرها من المخاطر. كذلك لا بد من مواصلة التنسيق بين السياسات الاقتصادية والمصرفية لدعم توفير بيئة اقتصادية ومالية مستقرة.
في المقابل، تبرز أهمية تعزيز القواعد التنظيمية الداعمة لجهود تطوير التحول الرقمي، وتشجيع البنوك التجارية على تنفيذ العمليات المالية الرقمية واستخدام التقنيات المالية الحديثة، مع التأكد من وجود إجراءات وتدابير وأطر واضحة لتعزيز أمن المعلومات، وتوفير البنية التحتية الملاءمة والدعم التقني المناسب. كذلك الاهتمام بخطط بديلة في حال انقطاع شبكة المعلومات العالمية “الإنترنت”، لتفادي حدوث مخاطر تشغيلية.
في السياق نفسه، تبرز أهمية مواصلة تعزيز منظومة الامتثال وإدارة المخاطر لدى القطاع المالي وتطوير منهجياتها لمواجهة التحديات المرتبطة بمخاطر عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب. لعل من المناسب هنا الاهتمام بتطوير مبادئ لاستخدام التقنيات المالية الحديثة في هذه المرحلة بشكل آمن، كذلك من الأهمية بمكان تعميق الجهود المتعلقة باستخدام الهوية الرقمية ونموذج (eKYC) والتوقيع الإلكتروني.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
حرص صندوق النقد العربي، على مواكبة دوله الأعضاء في مجال الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية الهادفة إلى تعزيز الاستقرار المالي في المنطقة العربية، حيث ينظم سلسلة من الاجتماعات التشاورية على مستوى محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية ونواب المحافظين وأعضاء اللجنة العربية للرقابة المصرفية واللجنة العربية للمعلومات الإئتمانية وفريق عمل الاستقرار المالي وفريق العمل الإقليمي لتعزيز الشمول المالي ومجموعة عمل التقنيات المالية الحديثة في الدول العربية، وبحضور واسع من المؤسسات المالية الدولية.
كما أصدر الصندوق مجموعة من المبادئ والأدلة الإرشادية للمصارف المركزية تواكب المخاطر التي تفرضها المرحلة.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أنتهز هذه المناسبة، لإعلامكم أن منصة “بُنى” للمدفوعات العربية، التي استكمل الصندوق إنشاءها بتوجيه ودعم وتعاون من المصارف المركزية العربية ومن المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية العالمية، أصبحت اليوم تحظى بقبول دولي واسع وباتت تمثل نموذجاً للتوافق مع توجهات مجموعة العشرين لتعزيز كفاءة وسلامة معاملات الدفع والتحويل عبر الحدود بما يخدم أغراض تعزيز التدفقات المالية ودعم النزاهة والاستقرار المالي.
كما تعلمون تشكل منصة “بُنى” نظاماً متكاملاً ومتخصصاً في توفير خدمات مقاصة وتسوية المدفوعات بالعملات العربية والدولية، يهدف إلى تمكين المؤسسات المالية والمصرفية في المنطقة العربية من إرسال واستقبال المدفوعات البينية في جميع أنحاء المنطقة العربية وخارجها بصورة آمنة وموثوقة وبتكلفة مناسبة وفعالية عالية. كما تقدم المنصة إلى البنوك حلول دفع حديثة تتوافق مع المعايير والمبادئ الدولية ومتطلبات الامتثال الدولية، إلى جانب مساهمتها في تعزيز فرص التكامل الاقتصادي والمالي في المنطقة العربية ودعم الروابط الاستثمارية مع الشركاء التجاريين في مختلف القارات. وللعلم، المشاركة في المنصة متاح لكافة البنوك والمؤسسات المالية التي تستوفي معايير وشروط المشاركة فيها، وفي مقدمتها المعايير والإجراءات الخاصة بجوانب الإمتثال.
لدى المنصة إستراتيجية متكاملة لتطوير الخدمات المقدمة، بدءً بخدمات الدفع الفوري وخدمات تمويل التجارة ومعاملات أسواق المال عبر الحدود. تقدم المنصة خدمات الدفع والتسوية بعملات عربية ودولية تشمل الآن الدرهم الإماراتي والريال السعودي والجنيه المصري والدينار الأردني والدولار الأمريكي واليورو، إلى جانب عملات عربية وآسيوية سيتم الإعلان عنها قريباً. وهناك تواصل ومشاورات حالياً مع أكثر من 230 بنك، منهم 67 بنك أتموا الربط مع المنصة.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
نحن ممتنون للجهود الكبيرة التي تقوم بها الأطر الدولية المعنية وفي مقدمتها لجنة بازل للرقابة المصرفية ومجلس الاستقرار المالي ومعهد الاستقرار المالي في متابعة تطوير القواعد والتشريعات الرقابية بصورة أكثر احترازية وشمولية للمخاطر، لمعالجة مختلف جوانب الضعف التي أظهرتها الأزمات السابقة وأزمة جائحة كورونا.
ولا شك أن تلك الجهود أثمرت عن تعزيز متطلبات رأس المال والسيولة كماً ونوعاً، مما ساهم في تعزيز قدرة النظام المصرفي على استيعاب صدمة جائحة كورونا، حيث لم نشهد بحمد الله حدوث أي أزمات في القطاع المصرفي في الدول العربية بشكل خاص، وفي أنحاء العالم بشكل عام، ذلك بالرغم من شدة أثر هذه الجائحة.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة،
لا شك أن حضور هذا الحشد الكبير من الخبرات الرفيعة المتخصصة، سواءً من المؤسسات المالية الدولية أو من سلطات الإشراف والرقابة المصرفية المختلفة، إلى جانب العديد من المسؤولين وأصحاب القرار في البنوك والمؤسسات المالية، سيسهم في الوصول لرؤية شاملة بخصوص سبل تطوير وسائل الرقابة والإشراف من أجل تحقيق استقرار مالي ومصرفي يسهم بكفاءة وفعالية في تحقيق التنمية الاقتصادية.
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرات السيدات والسادة الحضور،
أخيراً، وفي ختام كلمتي، أجدد الشكر والعرفان لأصحاب المعالي المحافظين على تكرمهم بالمشاركة في الاجتماع، كما لا يفوتني أن أشكر معالي خالد محمد بالعمى، محافظ مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي وزملائه في المصرف على دعمهم للاجتماع وحرصهم على توفير مستلزمات نجاحه، والشكر موصول كذلك لدولة الإمارات العربية المتحدة دولة مقر الصندوق، على ما تقدمه من تسهيلات كبيرة تساهم في نجاح الصندوق نحو تحقيق الأهداف المنوطة به.
كذلك أشكر مجدداً معهد الاستقرار المالي ولجنة بازل، على التعاون في إقامة هذه اللقاءات المفيدة، وأشكر لكم حضوركم، راجياً النجاح لهذا اللقاء وإقامة طيبة في أبوظبي. كما أرجو أن يحفظ الله جميع دول العالم من كافة التحديات والتطورات العالمية الراهنة، وأن يتم احتواء تداعيات هذه التطورات بسرعة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.